نظمت غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، بالتعاون مع مجلس الأعمال الباكستاني في أبوظبي، ووزارة الاقتصاد، ندوة افتراضية لتقديم نظرة عامة حول أهم المستجدات في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة مع حلول عام 2021، بالإضافة إلى تسليط الضوء على القانون الجديد للاستثمارات الأجنبية المباشرة، والذي سيسمح بملكية 100٪ للشركات والمستثمرين الأجانب في دولة الإمارات، ومناقشة بنوده وكيف يؤثر ذلك على الأعمال التجارية في الدولة، وقد شهدت الندوة مشاركة متميزة لعدد 350 من المسؤولين والمعنيين والمهتمين ببيئة الأعمال من مختلف المؤسسات والقطاعات.
وقال سعادة محمد هلال المهيري مدير عام غرفة أبوظبي، في كلمته الافتتاحية خلال الندوة إن القانون الاتحادي الذي أصدره رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله ورعاه، في نوفمبر 2020، ينص على تعديل القيود المفروضة على الملكية الأجنبية ضمن قانون الشركات في دولة الإمارات، حيث يعدل المرسوم الصادر حديثاً أحكام القانون الاتحادي رقم 2 لعام 2015 بشأن الشركات التجارية، وإلغاء القانون الاتحادي رقم 19 لعام 2018 بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر أو "قانون الاستثمار الأجنبي المباشر".
مشيراً إلى تضمين ذلك تغييرات منها إلغاء شرط أن يكون للشركات التجارية غالبية مساهم أو وكيل إماراتي، والسماح بالملكية الأجنبية الكاملة للشركات الداخلية في بعض الأنشطة التجارية وفقاً للسياسات التي يضعها مجلس الوزراء الإماراتي، وعندما يتم تحويل شركة قائمة إلى شركة مساهمة عامة، يمكنها بيع ما يصل إلى 70٪ من أسهمها في الاكتتاب العام ذي الصلة (ارتفاعاً من 30٪ السابقة).
تغييرات اقتصادية
وأكد أن هذه التغييرات مهمة للغاية، وتعكس الجهود المستمرة للحكومة لتطوير بيئة تشريعية مواتية للقطاعات الاقتصادية المختلفة لتزدهر في دولة الإمارات، فهناك بعض الفوائد المتوقعة، ومنها:
• جذب أقوى للاستثمار الأجنبي المباشر (وفقاً لأحدث بيانات الأونكتاد، تجاوز الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد في الإمارات العربية المتحدة 13.7 مليار دولار أمريكي في عام 2019 ، وهو ما يفوق جميع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى مجتمعة).
• زيادة المنافسة بين القطاع الخاص، مما يؤدى إلى تحسين المنتجات والخدمات.
• اعتماد أفضل الممارسات الدولية في الاستدامة وتقنيات 4IR (مثل الزراعة العمودية، والطاقة المتجددة، وتحويل النفايات إلى طاقة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والواقع المعزز، وإنترنت الأشياء، وما إلى ذلك) من خلال جذب الشركات والمساهمة في نقل المعرفة.
• خلق المزيد من فرص العمل في القطاع الخاص.
وأضاف المهيري بقوله: لقد كانت القيادة الإماراتية حكيمة وواضحة في رؤيتها الاقتصادية، حيث أسست اقتصاداً متعدد الاستخدامات وديناميكي وقوي وقادر على الازدهار بغض النظر عن التغيرات في البيئة الاقتصادية، منوهاً إلى أن دولة الإمارات أظهرت باستمرار قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمات الاقتصادية المختلفة على مدار العشرين عاماً الماضية، وآخرها جائحة COVID-19 في 2020. حيث تعهدت قيادتنا الرشيدة بأن تكون أسرع دولة في التعافي من الوباء.
الجهود الحكومية
ونحن بالفعل على الطريق الصحيح لتحقيق ذلك، لاسيما مع الجهود الحكومية لتوفير اللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، مؤكداً بأن دولة الإمارات استطاعت أن تحافظ بذلك على موقعها كمركز تجارة إقليمي، ووجهة مثالية ومفضلة للأعمال والإقامة، فقد حلت في المركز الأول عربياً في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء «كوفيد-19»، الذي نشرته مجموعة «هورايزون» البحثية، كما حصلت على مراكز متقدمة في كافة مجالات مؤشرات التنافسية العالمية.
وأكد مدير عام غرفة أبوظبي أنه من المتوقع لدينا أن يشهد الاقتصاد الإماراتي، في العام 2021 الجاري، سرعة في استعادة الزخم والنشاط التجاري والصناعي والمالي للدولة، وهو ما رأينا بشائره في الكثير من خطط الدعم الحكومي، وزيادة الإنفاق العام والثقة الدولية بالاقتصاد الإماراتي، وغيرها من العوامل التي تعزز موقع الاقتصاد الإماراتي وتجعله محط جذب وطلب للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وشدد المهيري على الدور الذي تقوم به غرفة أبوظبي لتقديم كافة الخدمات الممكنة لبيئة الأعمال من خلال تشجيع القطاع الخاص وتوفير خطوات مستمرة لدعم الشركات لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام من خلال التعليم وبرامج الدعم والعمل عن كثب مع كل من القطاعين الخاص والحكومي لدعم الأفكار والحلول المبتكرة، ومواكبة رؤية حكومة أبوظبي في العمل المشترك لتسهيل الأعمال وتيسير ممارستها، وعليه شهدت الساحة الاقتصادية انتعاشاً اقتصادياً كبيراً في جميع القطاعات.
نهج استشرافي
من جانبه أكد سعادة جمعة الكيت الوكيل المساعد لشؤون التجارة الدولية أن المركز الرائد الذي تتمتع به دولة الإمارات في الاقتصاد العالمي هو نتاج للرؤية البعيدة التي تمتع بها مؤسسوها، فقد بلغت دولتنا مراحل اقتصادية هائلة منذ إنشائها قبل 50 عاماً، بفضل النهج الاستشرافي للقيادة الحكيمة التي ظلت ثابتة في تحقيق رؤية موحدة لتطورها وتقدمها في جميع المجالات.
مشيراً إلى أن هذه الندوة التي تنظمها غرفة أبوظبي أتاحت الفرصة لتسليط الضوء على أبرز ما في البرامج الاقتصادية لدولة الإمارات وخططها لمرحلة ما بعد كوفيد-19.
وأوضح أن دولة الإمارات ركزت جهودها في الحد من الاعتماد على عائدات النفط والغاز بشكل استراتيجي، بهدف تنويع الاقتصاد الوطني على نطاق واسع ليصبح نظاماً بيئياً إبداعياً وقادراً على المنافسة ويركز على التجارة الدولية، والبنوك والتمويل، والسياحة، والعقارات، والتصنيع، والتكنولوجيا.
ومشدداً على أن حكومة الإمارات سعت إلى إشراك القطاعين الخاص المحلي والدولي للمشاركة في الأنشطة الاقتصادية من خلال وضع قوانين ولوائح جديدة تركز على تحقيق التنمية المستدامة، وإقامة بنية أساسية ملائمة لجعل البلاد بيئة مواتية للقيام بالأعمال التجارية وتعزيز بيئة الأعمال التجارية باستمرار تتماشى مع التوجهات العالمية، مما أسهم في سرعة وصولها لمكانة دولية، واجتذاب الزائرين والمهنيين والاستثمارات إليها في مختلف القطاعات. وشدد الكيت على أن مجال السياحة الدولية، من أهم القطاعات الاقتصادية الذي اهتمت به دولة الإمارات وحققت فيه خطوات واسعة على المستوى العالمي، بما في ذلك السياحة الطبية، حيث أصبحت دولتنا الآن من بين الدول التي تعترف بها منظمة السياحة العالمية كواحدة من أسرع الوجهات السياحية نمواً على مستوى العالم.
وأكد الكيت أنه من الطبيعي أن ينمو الاقتصاد الاماراتي مع تزايد أعداد أصحاب الأعمال ورؤوس الأموال من كل مكان، وهو أحد الجوانب التي جعلت من الإمارات وجهة جذابة للمستثمرين، حيث يعمل ما مجموعه 300 ألف شركة في الإمارات في شكل شركات مساهمة عامة وخاصة ذات مسؤولية محدودة، ومالك وحيد.
وقد ساعدت المحفزات الاقتصادية والتعاون من قِبَل القطاعين العام والخاص في برامج تعزيز الاستثمار على مر السنين.
ففي الفترة من 2017 إلى 2019، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدولة 35 مليار دولار أمريكي، وكانت الإمارات ثاني أكبر متلق لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في غرب آسيا بعد إسرائيل.
التعديلات القانونية
وحول أحدث التعديلات التي أدخلت على قانون الشركات التجارية في الإمارات أشار الكيت إلى أنها أصبحت نقطة تحول مهمة، حيث يقضي تعديل قانون الشركات التجارية بإلغاء قانون الاستثمار المباشر الأجنبي في البلاد للسماح بدلاً من ذلك بملكية 100% للشركات التجارية الأجنبية (باستثناء القطاعات الاستراتيجية)؛ وإنشاء لجنة جديدة لاقتراح أنشطة ذات تأثير استراتيجي.
كما أنه سوف تجلب هذه التعديلات فوائد اقتصادية هائلة، يمكن تلخيصها في: تحفيز الإنتاج المحلي، تعزيز القدرة التنافسية، تعزيز الإبداع والكفاءة، فضلاً عن تعزيز مناخ العمل والاستثمار.
منوهاً بأن التعديلات التي أدخلت على قانون الشركات التجارية تشكل بياناً مفاده أن دولة الإمارات تتمتع ببيئة تشريعية خصبة لإنشاء الشركات والمشاريع، وهي مستعدة لتعزيز مناخ العمل المفتوح واجتذاب مجموعة من الاستثمارات القيمة؛ وهو تحول كبير إلى النموذج الاقتصادي التنموي، حيث إن الاقتصاد الإماراتي مجهز بالكامل لتحقيق رؤيته لعام 2071 بروح المبادرة والمشاركة، كما أننا ما زلنا نعتمد السرعة في الإنجاز كدليل هام للتصدي للتحديات والحفاظ على المكاسب التي حققناها في السنوات الخمسين الماضية، وفي ذات الوقت نسير إلى الأمام لتحويل صفحات تاريخنا إلى آفاق لاقتصاد المستقبل يتسم بالاستدامة والمرونة والقدرة التنافسية ويستند إلى المعرفة والإبداع.
من جانب آخر أشاد الدكتور سيد قيصر أنيس رئيس مجلس الأعمال الباكستاني في أبوظبي، بالدور المتميز التي تلعبه غرفة أبوظبي في دعم بيئة الأعمال المحلية والاهتمام بالقطاع الخاص وتفعيل دوره، مثنياً في ذات الوقت على جهود وزارة الاقتصاد في هذا الشأن.
مضيفاً قوله: إن المجلس الباكستاني للمهن والأعمال التجارية في أبوظبي ، يود أن يغتنم مشاركته في الندوة ليقدم رسالة شكر وتقدير وعرفان إلى مقام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات "حفظه الله"، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وإلى إخوانهم أصحاب السمو حكام الاتحاد "حفظهم الله"، على دعمهم اللامحدود لمكافحة فيروس كوفيد 19 ، مما برهن على أهمية كبرى في السيطرة على انتشار الفيروس، حيث تمكنت البلد من رعاية وحماية المواطنين والمقيمين على حد سواء، مشيراً إلى سرعة تجاوز دولة الإمارات للتأثير الهائل الذي خلفته الأزمة على مستوى العالم، وضغطه على المشهد التجاري العالمي، مؤكداً أنه في دولة الإمارات، تضافرت جهود مجموعة متعددة من الدول من مجالس وغرف الأعمال ومقرها في أبوظبي ودبي للعمل مع حكومة الإمارات من أجل استمرارية الأعمال وتحويل التحديات إلى فرص جديدة للنمو والتقدم.
مشيراً إلى أن مجالس الأعمال في الإمارات وجدت كل الدعم والتشجيع للتواصل وتشكيل لجان عمل مشتركة للتواصل المباشر مع الجهات الحكومية المعنية، مما أدى إلى انتعاش في عودة الأعمال وممارستها ضمن أفضل التدابير الوقائية، مشيراً إلى أن هناك 31 مجلس أعمال تجاري و 6500 شركة تعمل في الإمارات العربية المتحدة، وتلك الأرقام في ازدياد لاسيما مع التطورات الاقتصادية التي تشهدها ميادين الأعمال في دولة الإمارات وتحفيزها الدائم للاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفيرها لبيئة تشريعية ملائمة لنمو الأعمال وازدهارها، منوهاً بأنه ووفقاً لمنظمة السياحة العالمية، الإمارات هي واحدة من عشر أسرع الوجهات السياحية نمواً في العالم، ونتيجة لهذا فقد تمكنت من اجتذاب الاستثمار إلى البلاد، وبالتالي ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأكد قيصر أن دولة الإمارات أصبحت على المسار الصحيح نحو التعافي الاقتصادي الكبير من أزمة كوفيد 19، وأنها سوف تقفز إلى مستويات أكبر من النمو الاقتصادي خلال عام 2021. لاسيما بعد تعديل قانون الاستثمار الأجنبي المباشر الخاص بالملكية الأجنبية بنسبة 100% من أجل زيادة جذب الاستثمارات، حيث أصبح بوسع الرعايا الأجانب أن يمتلكوا 100% من الشركات، والتي كانت تتطلب في السابق ملكية 51% من مالك إماراتي، ومن المتوقع أن يؤدي هذا التطور الملحوظ إلى زيادة تعزيز مكانة الإمارات باعتبارها المركز الرئيسي للأعمال التجارية في الخليج وجاذب قوي لرأس المال الأجنبي والاستثمار الأجنبي، وبالتالي لتعزيز المكانة العالمية لاقتصاد الامارات كونه أكثر قوة وحيوية وتنوعاً للقيام بالأعمال التجارية، وهو ما يشير إلى أنه في الخمسين عاماً المقبلة -2071 ستصبح الإمارات الأولى عالمياً في مؤشرات الرفاهية والسعادة وجودة الحياة.
المصدر